البرتقالة
عدد مرات القراءة : 12081
1
يـُقشرني الحب كالبرتقالةِ ..
يفتحُ في الليل صدري ,
ويتركُ فيهِ :
نبيذاً , وقمحاً , وقنديلَ زيتْ
ولا أتذكرُ أني انذبحتُ
ولا أتذكر أني نزفتُ
ولا أتذكر أني رأيتْ ..
2
يـُبعثرني الحبُّ مثلَ السحابةِ ,
يلغي مكانَ الولادةِ ,
يلغي سنسنَ الدراسةِ ,
يلغي الإقامة َ , يلغي الديانة َ ,
يلغي الزواجَ , الطلاقَ , الشهودَ , المحاكمَ ,
يسحبُ مني جوازَ السفرْ ..
ويغسلُ كلَّ غبار القبيلة عني
ويجعلني ..
من رعايا القمرْ ..
3
يـُغيرُ حبكِ طقسَ المدينةِ , ليلَ المدينةِ ,
تغدو الشوارع ُ عيداً من الضوءِ تحت رذاذ المطرْ
وتغدو الميادينُ أكثرَ سحرا
ويغدو حمامُ الكنائس يكتبُ شعرا
ويغدو الهوى في مقاهي الرصيف
أشدّ حماساً , وأطولَ عمرا ..
وتضحكُ أكشاكُ بيع الجرائدِ حين تراكِ ..
تجيئينَ بالمعطفِ الشتوي إلى الموعد المنتظرْ ..
فهل صدفة ً أن يكونَ زمانكِ
مرتبطاً بزمان المطرْ ؟ ..
4
يـُعلمني الحبُّ ما لستُ أعلمُ ,
يكشفُ لي الغيبَ , يجترحُ المعجزاتْ
ويفتحُ بابي ويدخلُ ..
مثلَ دخول القصيدةِ ,
مثلَ دخول الصلاةْ ..
وينثرني كعبير المانوليا بكلِّ الجهاتْ
ويشرحُ لي كيف تجري الجداولُ ,
كيف تموجُ السنابلُ ,
كيف تـُغني البلابلُ والقبراتْ
ويأخذ مني الكلامَ القديمَ ,
ويكتبني بجميع اللغاتْ ..
5
يقاسمني الحبُّ نصف سريري ..
ونصفَ طعامي ,
ونصفَ نبيذي ,
ويسرق مني الموانيءَ والبحرَ ,
يسرقُ مني السفينهْ
وينقرُ كالديكِ وجهَ الشراشفِ ,
يصرخُ فوق قباب المساجدِ .
يصرخُ فوقَ سطوح الكنائس ِ ..
يوقظ ُ كلَّ نساءِ المدينهْ ..
6
يعلمني الحبُّ كيف تكونُ القصائدُ مائية َ اللون ِ ,
كيف تكون الكتابة ُ بالياسمينْ ..
وكيف تكونُ قراءةُ عينيكِ ..
عزفاً جميلاً على الماندولينْ
ويأخذني من يدي .. ويـُريني بلاداً
نهودُ جميلاتها من نحاس ٍ ..
وأجسادهنَّ مزارعُ بـُنٍّ ..
وأعينهنَّ غناءُ فلامنكو حزينْ
وحينَ أقولُ : تعبتُ
يمدُّ عباءتهُ تحت رأسي
ويقرأ لي ما تيسرَ من سورة ِ الصابرينْ
7
يفاجئني الحبُّ مثلَ النبوءة حين أنامْ
ويرسمُ فوق جبيني
هلالاً مضيئاً , وزوجَ حمامْ
يقولُ : تكلمْ !!
فتجري دموعي , ولا أستطيعُ الكلامْ
يقولُ : تألمْ !!
أجيبُ : وهل ظلَّ في الصدر غير العظامْ
يقولُ : تعلمْ !!
أجاوبُ : يا سيدي وشفيعي
أنا منذ خمسينَ عاماً
أحاولُ تصريفَ فعل الغرامْ
ولكنني في دروسي جميعاً رسبتُ
فلا في الحروب ربحتُ ..
ولا في السلامْ ..