صانع النساء

عدد مرات القراءة : 14280

خمسون عاما في مديح النساء

    

1
زاولتُ ألف مهنة ومهنة
في زمن الشباب .
أسست جمهورية للعشق
لا تغرب عنها الشمس ،
فيها النخل ، والرمان ، والأعناب .
وكان عندي دولة كبرى
من الشفاه ، والعيون ، والأهداب …

2
عملتُ خزافاً ..
ورساماً ..
ونحاتاً ..
وأستاذاً لفن الحب ..
حتى صار لي جيش من الأتباع والطلاب .
لكنني .. رغم اتساع سلطتي .
ورغم كل شهرتي .
ورغم مجد الأعين السوداء .. والخضراء ..
أشعر أني رجل يكتب فوق الماء …

3
من نصف قرن .. وأنا
أطرز الشِعر على قميص شهرزاد .
وأفرش السجاد في موكبها
وأزرع الأشجار .
وأحمل الشاي إلى سريرها
وأحمل الأزهار .
من نصف قرن ، وأنا
أحرض النهد على تاريخه ..
وأهدم الأسوار .
من نصف قرن ، وأنا أقنعها
أن تكسر السيف الذي ينام في جوارها
ولا تعود مرة أخرى إلى فراش شهريار !! ..

4
سيدتي :
سيدة الكل التي يطلع من ضحكتها النهار .
من نصف قرن ، وأنا أقاوم التتار .
بالشعر ، أو بالنثر ،
أو بالحب ، أو باللون ،
أو بالغزل الجميل ، أو بالطين والفخار .
بدمعة تسيل من أصابع الغيتار .
فلا تشُكي أبداً بقدرة القصيدة
فربما ينتصر الشعر
على جحافل التتار …

5
كتبتُ تاريخ الجميلات على جبيني
من يوم كانت أمنا حواء .
كتبت عن فاطمة .
كتبت عن عائشة .
كتبت عن راوية .
كتبت عن هدباء .
فعندما أدخل أي مجلس
يقال : ( هذا صانع النساء ) …
فيا لها من تهمة جميلة
أن يصبح الإنسان من عائلة الظباء …

6
أيتها القصيدة المائية .
يا زغب الحمام في دفاتري
يا وردتي الجورية .
لا تشعري بعقدة الذنب معي
فإن كل امرأة أحبها
أمنحها الشرعية …

7
غنيتُ للنساء ..
حتى صرت شيخاً
من شيوخ الطرق الصوفية ..
وصار قلبي ملجأ
لطالبات العشق ، والحياة ، والحرية ..

8
هذي بلاد ليس فيها امرأة ..
هذي بلاد ما لها قضية !!

9
عملتُ في النهار والليل
على خرائط الأنوثة ..
عملت في الصيف وفي الشتاء
دخلت في كل التفاصيل الصغيرات التي أجهلها ..
دخلت تحت قشرة الأشياء .
لم أنس ثغراً واحداً قبلته ..
لم أنس خصراً واحداً طوقته ..
لم أنس عطراً همجياً كنت قد شممته ..
لم أنس نهداً شاهراً سلاحه
دمرني عشقاً .. كما دمرته …

10
أريد أن أهرب
من بحر الإشاعات الذي أغرقني .
أريد أن أهرب
من جميع ألقابي وأسمائي
فإني ضقت بالألقاب والأسماء ..

11
أريد يا سيدتي ، أن تعرفي
بأنني لم أصنع النساء في مختبري
لكنني ..
أنا الذي خرجتُ من مختبر النساء …

التعليقات