أقرأ جسدك .. وأتثقف
عدد مرات القراءة : 94657
-1-
يوم توقف الحوار بين نهديك المغتسلين بالماء ..
وبين القبائل المتقاتلة على الماء ..
بدأت عصور الانحطاط ..
أعلنت الغيوم الإضراب عن المطر
لمدة خمسمئة سنه ..
وأعلنت العصافير الإضراب عن الطيران
وامتنعت السنابل عن إنجاب الأولاد
وصار شكل القمر كشكل زجاجة النفط ..
-2-
يوم طردوني من القبيلة ..
لأني تركت قصيدة على باب خيمتك ..
وتركت لك معها ورده ..
بدأت عصور الانحطاط ..
إن عصور الانحطاط ليست الجهل بمبادئ النحو الصرف ..
ولكنها الجهل بمبادئ الأنوثة ..
وشطب أسماء جميع النساء من ذاكرة الوطن ..
-3-
آه يا حبيبتي ..
ما هو هذا الوطن الذي يتعامل مع الحب ..
كشرطي سير ؟ ..
فيعتبر الوردة مؤامرة على النظام ..
ويعتبر هذا الوطن المرسوم على شكل جرادة صفراء ..
تزحف على بطنها من المحيط إلى الخليج ..
من الخليج إلى المحيط ..
والذي يتكلم في النهار كقديس ..
ويدوخ في الليل على سرَّة امرأة ..
-4-
ما هو هذا الوطن ؟
الذي ألغى الحب من مناهجه المدرسية ..
وألغى فن الشعر ..
وعيون النساء ..
ما هو هذا الوطن ؟
الذي يمارس العدوان على كل غمامة ماطرة
ويفتح لكل نهد ملفاً سرياً ..
وينظم مع كل وردة محضر تحقيق !!.
-5-
يا حبيبتي ..
ماذا نفعل في هذا الوطن ؟
الذي يخاف أن يرى جسده في المرآة ..
حتى لا يشتهيه ..
ويخاف أن يسمع صوت امرأة في التلفون ..
حتى لا يُنقـَضَ وضوءُهُ ..
ماذا نفعل في هذا الوطن ؟
الذي يعرف كل شيء عن ثورة أكتوبر ..
وثورة الزنج ..
وثورة القرامطة ..
ويتصرف مع النساء كأنه شيخ طريقة ..
ماذا نفعل في هذا الوطن ؟
بين مؤلفات الإمام الشافعي .. ومؤلفات لينين ..
بين المادية الجدلية .. وصور ( البرونو ) ..
بين كتب التفسير .. ومجلة ( البلاي بوي ) ..
بين فرقة ( المعتزلة ) .. وفرقة ( البيتلز ) ...
بين رابعة العدوية .. وبين ( ايمانويل ) ..
-6-
أيتها المدهشة كألعاب الأطفال
انني أعتبر نفسي متحضراً ..
لأني أحبك ..
وأعتبر قصائدي تاريخية .. لأنها عاصرتك ..
كل زمن قبل عينيك هو احتمال ..
كل زمن بعدهما هو شظايا ..
فلا تسأليني لماذا أنا معك ..
إنني أريد أن اخرج من تخلفي ..
وأدخل في زمن الماء ..
أريد أن أهرب من جمهورية العطش ..
وأدخل جمهورية المانوليا ..
أريد أن أخرج من بداوتي ..
وأجلس تحت الشجر ..
وأغتسل بماء الينابيع
وأتعلم أسماء الأزهار ..
أريد أن تعلميني القراءة والكتابة
فالكتابة على جسدك أول المعرفة
والدخول إليه دخول إلى الحضارة ..
إن جسدك ليس ضد الثقافة ..
ولكنه الثقافة ..
ومن لا يقرأ دفاتر جسدك
يبقى طول حياته .. أمياً ...