عدد مرات القراءة : 18189
أكتب إليك من ليننغراد .. عاصمة القياصرة .
درجة الحرارة صفر . وأنا ألبسك على جسدي كنزة ً من الحنان ..
وأتدفأ بك كما تتدفأ كنيسة ٌ بشموعها ..
يـُريحني أن ألبسكِ على جسدي ,
فأنتِ حطبي وفحمي في هذه القارة المرتعشة المافاصل .
قضيتُ اليوم كله في متحف الهيرميتاج .
كلّ متاحف العالم تبدو أكواخاً فقيرة من القشّ أمام هذا المتحف الخرافة ,
حتى اللوفر العظيم يغطي وجهه بيديه مختجلاً إذا ذكر اسمُ الهيرميتاج .
ألفا غرفة تضم أروع ما صنعته أصابع البشر ,
جمعها القياصرة قطعة ً قطعة ً من زورايا الأرض .
كلّ مصوري العالم ونحاتيه في غرف الهيرميتاج ويتدثون مع الزوار ..
الهيرميتاج هو فندق كل عباقرة العالم .. فيه ينامون وفيه يرسمون .. وينحتون ...
هنا وطن الفنانين .. فلوحات رينوار , وماتيس , وفان غوخ , وغوبا , والغريكو , وروبنس ,
الموجودة هنا أعظم من آثارهم الموجودة في بلادهم الأصلية .
زرتُ الجناح الخاص بالامبراطورة كاترينا الثانية .
رأيت ملابسها , وجواهرها , وأمشاطها , وخواتمها ,
وأثواب نومها المطرزة بالذهب , ومعطفها المشغولة بالحجارة الثمينة .
في لحظة من لحظات الحلم تصورتك كاترين الثانية ..
وأردتُ أن أخرج جميع ما في الخزائن اليللورية من عقود وأساور واطرحها على قدميك ..
يا قيصرة القياصرة ..
في لحظة من لحظات الشرود ,
تصورت أن المتحف متحفك ,
والتيجان تيجانك , والوصيفان وصيفاتك ..
وأنكِ تركبين العربة الملكية الموشاة بالذهب وأحجار الياقوت والزمرد ..
وتنزلقين على ثلوج ليننغراد .
هل تسمعين صوتي ,
وأنا أهتف مع الرعايا المتناثرين على أرصفة ليننغراد ( حفظ الله الملكة ) .
أنا واحد ٌ من رعاياكِ يا قيصرة القياصرة ..
أنا مواطن ٌ يحبكِ ..