صانع النساء

عدد مرات القراءة:

خمسون عاما في مديح النساء

1

زاولتُ ألف مهنة ومهنة

في زمن الشباب .

أسست جمهورية للعشق

لا تغرب عنها الشمس ،

فيها النخل ، والرمان ، والأعناب .

وكان عندي دولة كبرى

من الشفاه ، والعيون ، والأهداب …

2

عملتُ خزافاً ..

ورساماً ..

ونحاتاً ..

وأستاذاً لفن الحب ..

حتى صار لي جيش من الأتباع والطلاب .

لكنني .. رغم اتساع سلطتي .

ورغم كل شهرتي .

ورغم مجد الأعين السوداء .. والخضراء ..

أشعر أني رجل يكتب فوق الماء …

3

من نصف قرن .. وأنا

أطرز الشِعر على قميص شهرزاد .

وأفرش السجاد في موكبها

وأزرع الأشجار .

وأحمل الشاي إلى سريرها

وأحمل الأزهار .

من نصف قرن ، وأنا

أحرض النهد على تاريخه ..

وأهدم الأسوار .

من نصف قرن ، وأنا أقنعها

أن تكسر السيف الذي ينام في جوارها

ولا تعود مرة أخرى إلى فراش شهريار !! ..

4

سيدتي :

سيدة الكل التي يطلع من ضحكتها النهار .

من نصف قرن ، وأنا أقاوم التتار .

بالشعر ، أو بالنثر ،

أو بالحب ، أو باللون ،

أو بالغزل الجميل ، أو بالطين والفخار .

بدمعة تسيل من أصابع الغيتار .

فلا تشُكي أبداً بقدرة القصيدة

فربما ينتصر الشعر

على جحافل التتار …

5

كتبتُ تاريخ الجميلات على جبيني

من يوم كانت أمنا حواء .

كتبت عن فاطمة .

كتبت عن عائشة .

كتبت عن راوية .

كتبت عن هدباء .

فعندما أدخل أي مجلس

يقال : ( هذا صانع النساء ) …

فيا لها من تهمة جميلة

أن يصبح الإنسان من عائلة الظباء …

6

أيتها القصيدة المائية .

يا زغب الحمام في دفاتري

يا وردتي الجورية .

لا تشعري بعقدة الذنب معي

فإن كل امرأة أحبها

أمنحها الشرعية …

7

غنيتُ للنساء ..

حتى صرت شيخاً

من شيوخ الطرق الصوفية ..

وصار قلبي ملجأ

لطالبات العشق ، والحياة ، والحرية ..

8

هذي بلاد ليس فيها امرأة ..

هذي بلاد ما لها قضية !!

9

عملتُ في النهار والليل

على خرائط الأنوثة ..

عملت في الصيف وفي الشتاء

دخلت في كل التفاصيل الصغيرات التي أجهلها ..

دخلت تحت قشرة الأشياء .

لم أنس ثغراً واحداً قبلته ..

لم أنس خصراً واحداً طوقته ..

لم أنس عطراً همجياً كنت قد شممته ..

لم أنس نهداً شاهراً سلاحه

دمرني عشقاً .. كما دمرته …

10

أريد أن أهرب

من بحر الإشاعات الذي أغرقني .

أريد أن أهرب

من جميع ألقابي وأسمائي

فإني ضقت بالألقاب والأسماء ..

11

أريد يا سيدتي ، أن تعرفي

بأنني لم أصنع النساء في مختبري

لكنني ..

أنا الذي خرجتُ من مختبر النساء …