عدد مرات القراءة : 35652
1
عندما نجلس معاً .. في أحد المقاهي اللندنية
كمركبين يستريحان بعد سفر طويل .
يخطر ببالي أن أقول لك : ( أنت جميلة كالمنفى ) ..
وأن عينيك تغتسلان بالمطر كشوارع المنفى ..
وأن يديك .. عصفورتا حرية ..
تطيران في سماء المنفى ..
ولكنني أشعر بأنني سوف أخرج
على نصوص العشق الكلاسيكية ، ومقدسات البلاغة القديمة .
وأخون ( عيون المها بين الرصافة والجسر .. )
ووصايا كتاب ( طوق الحمامة ) .. لابن حزم الأندلسي ..
2
(( جميلة أنت .. كالمنفى )) .
أقولها بنبرة مسرحية مؤثرة .
وأعرف أن صراخي بلا جدوى .
وتمثيلي بلا جدوى .
ونصوصي الدرامية بلا جدوى ..
وأعرف أن كلامي لا يخض خلية من خلايا جسدك ..
ولا يحرك ورقة واحدة في غابات أنوثتك ..
أقولها وأنا أعرف أنني أؤدي دوراً تبشيرياً
لا يليق بتاريخي ..
وأن كل الأيديولوجيات في العالم
لا تستطيع تغيير قناعات امرأة
تعيش في حالة عشق ..
3
سامحيني إذا كسرتُ زجاج اللغة ..
وخرجت من صندوق البديع والبيان
وثلاجة الكلمات المأثورة .
لأعلن : أنك رائعة كالمنفى ..
وشتائية .. ورمادية ..
وساطعة .. وباهرة ..
وواحدة .. ومتعددة ..
وحبلى بالبروق .. والأمطار .. كأيام المنفى ..
رغم شعوري أن كلماتي
سوف تكون غريبة على أذن امرأة عربية
تعودت على ديباجة قيس بن الملوح ..
وغزليات جميل بثينة ..
ومطولات السيدة أم كلثوم ..
4
سامحيني ..
إذا تحررتُ من اللياقات الشعرية قليلاً
في حواري مع النساء ..
فأنا لا أستطيع أن أزور أحاسيسي
وأقول لك كلاماً منقولاً عن الذاكرة الجماعية
ولا أن أراك بعيون العشاق الموتى ..
ولا أن أدخل إلى غرفة نومك ..
ومعي كل ذكور القبيلة !! .
5
كيف أعاني من عقدة الاكتئاب ؟
وأنا منفي فيك ..
وهل أجمل من أن يكون الإنسان منفياً
في داخل امرأة يحبها ؟
هل هناك مرفأ أكثر طمأنينة ..
من التمدد على رمال نهديك ؟؟ ..
والسكنى في تجويف يديك ..
والإبحار في مياهك الدافئة ؟؟ .
6
سامحيني .. يا سيدتي
إذا هربتُ من عباءة العباس بن الأحنف
وشيزوفرانيا ديك الجن الحمصي .
وبراغماتية عمر بن أبي ربيعة .
وسميتك وردة المنفى ..
أو قمر المنفى ..
أو تفاحة المنفى ..
فاللغة التي نكتب بها .. أو نحب بها ..
لا تشبه لغة أهل الجنة .
ولا كلام الملائكة ..
فالوطن العربي الذي جئنا منه أنت .. وأنا ..
ليس فيه مكان .. لا لإقامة القمر ..
ولا لإقامة البشر ..
ولا لإقامة الملائكة ..