القصيدة تولد من أصابعها

عدد مرات القراءة:

أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء

1

ولدتُ ..

في الواحد والعشرين من آذار

في ذلك اليوم المزاجي الذي

تراهق الأرض به

وتحبل الأشجار

2

ماذا جرى في بيتنا ؟

في ليلة الواحد والعشرين من آذار .

فحرك الدموع والأشجان

وما لأمي قد بدت شاحبة ؟

وابتلعت صراخها.

ومزقت فراشها .

واستنجدت بمريم العذراء ، في مخاضها

وسورة الرحمن .

لا أحد أجابني ..

لكنني أحسست أن امرأة في بيتنا

كانت تعيش حالة ابتكار …

3

ولدتُ في برج الحمل .

برج المجانين الذين قرروا

أن يسرقوا من السماء النار …

4

خرجتُ من محارتي

مضرجاً كالسمكة ..

وفي يدي طبشورة تبحث عن جدار ..

5

هواية التكسير ..

كانت مهنتي .

وشهوة الخروج من

عباءة الأخوال و الأعمام …

6

يوم اشتروا لي قلماً .. ودفتراً

قررت أن أكون من عائلة البروق ..

لا عائلة الأحجار ..

7

ولدتُ ..

في الواحد والعشرين من آذار .

وكنت في طفولتي

مستنفراً للعشق .. مثل الديك ..

كانت مهنتي

أن أجمع النساء في قارورة..

و أجمع الأزهار …

8

و عندما جاء أبي

في آخر النهار

قال لأمي ضاحكاً :

( استبشري يا فائزة )..

هذا الذي أنجبته

ليس بطفل أبداً ..

لكنه إعصار …

9

حليب أمي .. كان حبراً أبيضاً

وثديها علمني صناعة الفخار .

10

ولدتُ في دمشق .

بين خِصاص الفل ..

والخبيزة الخضراء ..

والنرجس ..

والأضاليا ..

ولم يزل في لغتي

شيء من القرفة ، والكمون ، والبهار ..

11

مسقط رأسي في دمشق الشام .

حيث البيوت امرأة عارية

على بياض نهدها ..

تراهق الأنهار ..

معجزة أن يولد الإنسان في مدينة

ترمي على أكتافه

في الصيف ، آلافاً من الأقمار …

12

ما كان عندي أبداً مشكلة

فكل شيء هاهنا ، وجدته ملحناً

الأرض ، والسماء ، والحقول ،

والطيور ، والرياح ، والأمطار .

13

كيف أقول : إنني وُلِدت ؟

ولم أزل في بطن أمي جالساً

كفرخة مذبوحة ..

منتظراً أن يأخذوا أمي

إلى طاولة الولادة ..

14

ولادتي ..

كانت بلا سابقة .

لم يسحب الطبيب رأسي أولاً

و إنما أعطيته أصابعي ..

15

شابت حروف القلب ، يا سيدتي

و شابت الأوراق و الأقلام .

و لم أزل من ألف .. ألف عام

في غرفة الولادة ..

منتظراً ولادتي الأخرى ، على يديك ..

منتظراً .. أن تفتحي الأقفاص يا سيدتي ..

كي يخرج الحمام …