عدد مرات القراءة : 18051
أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء
1
ولدتُ ..
في الواحد والعشرين من آذار
في ذلك اليوم المزاجي الذي
تراهق الأرض به
وتحبل الأشجار
2
ماذا جرى في بيتنا ؟
في ليلة الواحد والعشرين من آذار .
فحرك الدموع والأشجان
وما لأمي قد بدت شاحبة ؟
وابتلعت صراخها.
ومزقت فراشها .
واستنجدت بمريم العذراء ، في مخاضها
وسورة الرحمن .
لا أحد أجابني ..
لكنني أحسست أن امرأة في بيتنا
كانت تعيش حالة ابتكار …
3
ولدتُ في برج الحمل .
برج المجانين الذين قرروا
أن يسرقوا من السماء النار …
4
خرجتُ من محارتي
مضرجاً كالسمكة ..
وفي يدي طبشورة تبحث عن جدار ..
5
هواية التكسير ..
كانت مهنتي .
وشهوة الخروج من
عباءة الأخوال و الأعمام …
6
يوم اشتروا لي قلماً .. ودفتراً
قررت أن أكون من عائلة البروق ..
لا عائلة الأحجار ..
7
ولدتُ ..
في الواحد والعشرين من آذار .
وكنت في طفولتي
- كما تقول جارة قديمة في حينا -
مستنفراً للعشق .. مثل الديك ..
كانت مهنتي
أن أجمع النساء في قارورة..
و أجمع الأزهار …
8
و عندما جاء أبي
في آخر النهار
قال لأمي ضاحكاً :
( استبشري يا فائزة )..
هذا الذي أنجبته
ليس بطفل أبداً ..
لكنه إعصار …
9
حليب أمي .. كان حبراً أبيضاً
وثديها علمني صناعة الفخار .
10
ولدتُ في دمشق .
بين خِصاص الفل ..
والخبيزة الخضراء ..
والنرجس ..
والأضاليا ..
ولم يزل في لغتي
شيء من القرفة ، والكمون ، والبهار ..
11
مسقط رأسي في دمشق الشام .
حيث البيوت امرأة عارية
على بياض نهدها ..
تراهق الأنهار ..
معجزة أن يولد الإنسان في مدينة
ترمي على أكتافه
في الصيف ، آلافاً من الأقمار …
12
ما كان عندي أبداً مشكلة
فكل شيء هاهنا ، وجدته ملحناً
الأرض ، والسماء ، والحقول ،
والطيور ، والرياح ، والأمطار .
13
كيف أقول : إنني وُلِدت ؟
ولم أزل في بطن أمي جالساً
كفرخة مذبوحة ..
منتظراً أن يأخذوا أمي
إلى طاولة الولادة ..
14
ولادتي ..
كانت بلا سابقة .
لم يسحب الطبيب رأسي أولاً
و إنما أعطيته أصابعي ..
15
شابت حروف القلب ، يا سيدتي
و شابت الأوراق و الأقلام .
و لم أزل من ألف .. ألف عام
في غرفة الولادة ..
منتظراً ولادتي الأخرى ، على يديك ..
منتظراً .. أن تفتحي الأقفاص يا سيدتي ..
كي يخرج الحمام …