مقابلة تلفزيونية مع (غودو) عربى

عدد مرات القراءة : 6131

الكبريت في يدي ودويلاتكم من ورق

    

1
مُنْتَظِرٌ أن يَرْحَلَ القِطَارْ
أيُّ قطارٍ كانَ ..
لا يهمُّني .
أيُّ اتجاهٍ كانَ ..
لا يهمني ..
للشرقِ .. أو للغربِ ..
لا يهمُّني ..
لجنّةِ الفردَوْسِ ، أو للنارْ ..
أنا كغودو ..
أسْمعُ الصفيرَ في الليلِ ،
ولكنْ .. لا أرى محطَّةً ..
ولا أرى أرْصِفَةً ..
ولا أرى قطارْ …

2
وقفتُ في الطابورِ مليونَ سَنَهْ
كي أشتري تذكرةً
نِمْتُ على حقائبي .
نِمْتُ على متاعبي .
قرأتُ ألفَ مرةٍ جريدتي.
ما أسْخَفَ الأخبارْ ..
نَظَرْتُ ألفَ مَرَّةٍ لساعتي .
وَجَدتُها واقفةً
عَدَدْتُ ألفَ مَرَّةٍ أصابعي
وجدتها ناقصةً
فَكَّرتُ أن أذهبَ للمرْحَاضِ ..
لكنْ .. خفتُ أن يفوتني القِطَارْ …

3
أتعبنى صقيع نصف الليل..
والتحديقُ في القُضْبَانِ ،
والجلوسُ أعواماً على مقهى الضَجَرْ
أتعَبَني انتِظارُ ما لا يُنْتَظَرْ ….
بحثتُ في صحيفة الأبراجِ
عن (بُرج الحَمَلْ)…
فلم أجدْ حمامةً قادمةً
ولا طريقاً للسفرْ ..
بحثتُ عن كأسٍ من الكونياكِ ..
عن سَجَائرٍ ..
بحثتُ عن سيّدةٍ أشمُّ عِطْرَ جِسْمِهَا
قُبَيْلَ أن أسافِرْ ..
وجدتُ صرصاراً على حقيبتي .
سألته من أنتَ؟ قالَ إنني مهاجرْ
وكان مثلي .. يرتدي قُبَّعةً ومعطفاً .
وكان مثلي جالساً ..
ينتظرُ القطار …

4
غودو أنا ..
ليس معي تأشيرة إلى بلد
وليس في العالم من مدينةٍ
يَعْرِفُني فيها أحدْ .
كلُّ المحطاتِ التي أقْصُدُها
مُطْفَأةُ الأنوارْ .
كلُّ القطاراتِ التي أسمَعُها
تمرُّ فوقَ جُثَّتي
هل القطاراتُ هي الأقدارْ ؟
غودو أنا .
غودو أنا .
تسلَّقَ العُشْبِ على حقائبي
تسلَّقَ العُشبُ على ذاكرتي
والوقتُ فوق رَقْبَتي
يَمُرُّ كالمِنْشَارْ ..
لا تترُكي رأسي في الهواءِ ، يا سيِّدتي
فهذه الدنيا ..
بلا سقفٍ .. ولا جِدارْ ..
لا تترُكيني أبداً ..
فالقلبُ إبريقٌ من الفُخَّارْ …

5
مُنْتَظِرٌ ، صفَّارةَ القِطَارْ
مُنْتَظِرٌ من يوم أن وُلِدْتُ ،
لحظة الخروج من مدائن الغبار
منتَظِرٌ أن يزحفَ البحرُ على قصائدي ،
وتهطلَ الأمطارْ ..
مُنْتَظِرٌ معجزةً ، تُخرِجُني نحو مدار آخرٍ ..
نحو فضاءٍ آخرٍ ..
يؤمِنُ في بَنَفْسجِ البحرِ ،
وفي حرية الحُبِّ …
وفي تعدُّدِ الحِوَارْ …

6
من ألفِ عامٍ ..
وأنا منتظرٌ إجازتي
مُنْتَظِرٌ جزيرةً في البحرِ ..
لا تعرفها البحار
مُنْتَظِرٌ قصيدةً ، خاتَمُها من ذَهَبٍ ..
وخَصْرُها من نارْ ..
مُنْتَظِرٌ فاطمةً .. تأتي ومِنْ ورائِها
جيشٌ من الأشجار
وفي مياه ناهديْها .. تسبحُ الأسماكُ والأقمارْ
مُنتظرٌ فاطمةً .. تحمِلُ في كلامها ،
حضارةَ الوردةِ ، لا حضارةَ الصبَّارْ …
لولا يَدَا فاطمةٍ ..
ما كان تشكَّلَ النَهَارْ …

7
غُودُو أنا ..
ولم أزَلْ أبحثُ فوق الرَمْل ، عن بقية اخْضرارْ
ولم أزَلْ أبحثُ في الرُكَامِ عن زَهْرَة جُلَّنارْ
ولم أزلْ أؤمِنُ بالشعر الذي يَطْلَعُ كالوردة
من خاصرة الدمار

8
غودو أنا ..
ولا يزالُ الرومُ يسجِنُونَني
ويفرضونَ حالةَ الحصارْ .
ولا يزالُ البَدوُ يكرهونني
ويكرهون الماءَ ..
والخضرة ..
والبِذَارْ ..
فمن سوى فاطمةٍ ؟
تَرُدُّ عنّي هَجْمَةَ التَتَارْ .
ومن سوى فاطمةٍ تُحولُ الفحمَ إلى حدائقٍ
وتقلبُ الليل إلى نَهَارْ ؟..

9
ما زالَ (غُودُو) منذُ مليون سَنَهْ ..
مُرْتدياً مِعْطَفَهُ ،
وحاملاً أكياسَهُ ،
وقانِعاً أن هُناكَ في المدى محطَّةً
وأنَّ في إمكانِهِ ، لو شاءَ ،
أن يخترعَ القِطارْ …

سياسية الخصوصية سياسية الكوكيز شروط الاستخدام