هل تسمحين لي أن أصطاف

عدد مرات القراءة : 14734

كل عام وأنت حبيبتي

    

-1-
أيتها المرأة التي تستوطن جهازي العصبي ..
هل تسمحين لي أن أصطاف كما يصطاف الآخرون ؟
وأتمتع بأيام الجبل ..
كما يتمتع الآخرون ..
الجبل مروحة حرير اسبانية
وأنت مرسومة عليها ..
وعصافير عينيك ..
تأتي أفواجاً أفواجاً من جهة البحر ..
كما تطير الكلمات من أوراق دفتر أزرق ..
هل تسمحين لذاكرتي أن تكسر حصار رائحتك ؟
وتشم رائحة الحبق , والوزال , والزعتر البري
هل تسمحين لي ..
أن أجلس على الشرفة الصيفية دقيقة واحدة ؟
دون أن يتسلق صوتك كعريشة زرقاء
على درابزين بيتنا ..
ودون أن أحبك في قهوتي الصباحية ؟
-2-
لقد اشتغلت تسعة شهور ..
عند نهديك المتغطرسين !!..
ولي الحق - ككل عمال العالم -
أن أنال إجازتي السنوية ..
كان أجري قليلاً ..
وحظي قليلاً ..
وراحتاي مشققتين ..
من كثرة الشغل في مناجم الذهب
حتى في أول أيار ..
ذهبت إلى عملي كبقية الأيام
وحرست نهديك النائمين ..
كبقية الأيام ..
حتى القروش القليلة التي ادخرتها
اشتريت بها لهما ..
فطائر اللوز والعسل ..
ولكن نهديك ..
- ككل أولاد العائلات الإقطاعية -
إعتبرتني مملوكاً لهما ..
من عهد أول ملك من ملوك الأسرة النهدية ..
وجلداني تسعين جلدة على ظهري ..
وتسعين جلدة على صدري ..
حتى أسقطت دعواي عنهما ..
وعدن إلى العمل ....
-3-
علقتك في خزانة ثيابي في بيروت ..
وأخذت المفتاح معي ..
خبأت وجهك تحت قمصاني ومناديلي ..
وخرجت على أطراف أصابعي ..
قبل أن تستيقظي ..
...................
..... واليوم .. وأنا أتمشى على طرقات الجبل ..
رأيتك تتكئين على سنبلة قمح ..
وتتسابقين مع عصفور صباحي ..
وتربطين شعرك بغمامة برتقالية ..
ماذا تفعلين هنا ؟
ومن أعطاك عنواني في الجبل ؟
أيتها الواحدة التي اصطدمت بعشقي ..
فصارت امرأة ..
واصطدمت بطقس نهديها الاستوائيين ..
فعرفت حجم رجولتي ..
منحتك البركة والتكاثر ..
وجعلتك كماء البحر .. واحدة .. ومتعددة ..
ووضعت يدي على بياض فخذيك ..
فأصبحت قبيله ..
ماذا تفعلين هنا ؟
حتى الغابة ..
تذكرني كيف كنت تمشطين شعرك ..
فأبكي ..
حتى القمة ..
تذكرني بارتفاع نهديك عن سطح البحر ..
فأدوخ ..
-4-
هل بوسع رجل يحبك مثلي ..
أن يصطاف اصطيافاً طبيعياً ؟
هل بوسعي أن أنفصل عن المجموعة الشمسية
التي تدور منذ ملايين السنين حول عينيك
وأصطاف في إقليم آخر ..
لا يخضع لسلطانك ؟
هل يمكنني أن أمارس هذا الاختيار الصعب ؟
فأجلس كالمجاذيب على كرسي هزاز ..
أقرأ القصص البوليسية ...
وأشرب المياه المعدنية ....
وأمتحن ثقافتي بالكلمات المتقاطعة ..
الاصطياف زمن مسطح ..
وأن مرتبك بزمانك رغم كثرة نتوئاته ..
والاصطياف فراغ .. وأنا ممتلىء بك ..
والاصطياف تغيير ..
وأنا لا أريد أن أغبرك ..
بكنوز الدنيا ..
قولي لي ..
من هو الأبله الذي اخترع كلمة الاصطياف ؟
فرماك كخاتم الذهب على رمال بيروت ..
وفرض علي الإقامة الجبرية
تحت شجرة النوم ..
ربما كان لا يعرف أن الشجرة ..
تبقى ألف سنة على رأس الجبل
ولا تصبح امرأة ..
في حين أنك في اللحظة التي
تدخلين فيه إقليم صدري ..
تصبحين شجرة ..

سياسية الخصوصية سياسية الكوكيز شروط الاستخدام